ساداتنا وبس
دنايا سادة وعراةُ بدنٍ وأشلاءُ القذارة والرُّفات
رؤوسٌ لا ترى فيها وتدرى سوى لهوٌ وأدناس الشُّهاة
فيابن المدعى آل سعود سلمت فهل تريقُكَ طاعناتى
كرامة عُرْبك الريَّا تناديـ ـك انتبه هل قد رضيت عزى مماتى
علا إسلامك السامى ينادى تقلدنى أمام طغى الطغاة
ولكن كيف ينطق أو يجيب أسير الجبن ونهوم الحياة
خلىُّ اللبِّ عىٌّ أن يدير طيور الدُّور أو شاء الرعاة
بليد النفس لا يأبى هواناً ولو ألفى المساوئ عاريات
ولو أنى نظمت الدهر شعراً أهاجيه المعايب قال هات
فهل هذا كفيلٌ أن يدير أموراً أو حروباً حادمات
إذا ألفى الرصاص دوى تخفى وولول كالنساء الصارخات
وأحنى ظهره فتراه جسراً تمر عليه أحذية الغواة
رضيتَ دماء أنسالٍ تسيل من الأقصى تُرى حتى الفرات
وصار الدم طوفاناً يسير يروق لسفكه لبُّ العداة
وصار الدم فى كأسٍ وكأسٍ تَداولَهُ الأيادى فارحات
وأحكى قصتى علَّ المآسى تحرك فيك إحساس الحُماة
قصدت صباح يوم سراب أملى دروب الشغل بعد قضا صلاتى
قصدت الباب نادانى زهير أبى أنسيت تسليمى وقُبْلاتى
وغضَّ بطرفه عنَّى وأضحى كغصنٍ مال ميَّاس النبات
جثوت على رِكابى أرتجيه بأن يعفو وقدمت اعتذاراتى
تبسَّمَ وانثنى يلهو بشيبى وقال أبى سأعفو باشتراطاتى
فقلت له اشترط واحنو علىَّ وعجِّل بالمطالب ياحياتى
فقال أريد ألواناً غِزاراً ولوحاتٍ أنمقها بفرشاتى
أعَبِّرُ فى نواحيها برسمى وأنظم فى طواياها شعاراتى
ضممت بُنىَّ فى صدرى وقلت رضيت وكل ما طالبت آتى
وبعد أن انقضى يومى وعدت وأسياف المحبة هازماتى
حملت معى مطالبه وسرت ونار الشوق أُقْرِيها ثباتى
وصلت الحىَّ نادانى منادٍ زُهَيْرٌ بين أرجاء الموات
رأيت البيت قد أمسى هشيماً وأصوات الأقارب صارخات
ينادونى نعذب أو نقتل ومدُّوا لى أيادٍ صائحات
فطرت لهم أدافع لست أدرى سبيلاً كى أُنَحِّيهمْ غُزاتى
رأيت بُنَىَّ قد أُرْخَتْ يداه فثُبْتُ عليهمُ طلب النجاة
أقيل أذاهمُ وأذُبُّ عنه وأنزع عنه أثواب الممات
حضنت بُنَىَّ فى صدرى وقلت تقوَّى ياذرا قلبى وذاتى
تَبَسَّمَ وانضوى فى طىِّ حضنى وغابت عنه أنفاس الحياة
مسحت على أواصله وقلت أتغدرُ بى بحتم نوى الشتات
تعقُّ أباكَ بعد ثَوَى التَّرَدِّى فتصمتُ عن جوابى وانتصاتى
أتيتُ بما تواعدنا بصبحٍ وجئْتُكَ عاجلاً فهواك عاتى
أجبنى يازهير أصير عبداً على قدميك أمتثل بطاعاتى
طريحاً فى طوى صدرى وأمسى سَكوناً بعد ريَّان النداة
تقطعت العرى وكوى فؤادى لهيب جوى النوى وظما الخفات
ولكن هل يقوم لردِّ شرٍّ بطئٌ من لحومٍ مثقلات
قعيد فراشه إن قام أقعى وقال أخاف من حسدٍ يواتى
نزيل دناءةٍ وحليف نومٍ وعزته قُسَيْمَات الشُّراة
وياحسنى أراقك بعد نصرٍ وبعد سعادة الفتح السُّبات
سألت الجبن عنك فقال إلفى أجرده بضاحية الغداة
وفد فضَّتْ بكارته غزاتى وسل عنى الأساتذ والرواة
إذا قالوا جَبُنْتَ فقال إنى أخاف على مصالحكم رُعاتى
وأين مصالح الشعب المُعَنَّى برُمْقِ العيش أو رَشْفَ السُّقاة
جمعت كلابك الجوعى وصرت تمصُّ قواهمُ حتى الممات
وتنفث فى عروقهمُ سموماً فتصليهم كنارٍ ملهباتٍ
فراحوا فى نواحى مصر كلمى يإنُّون الجروح الغائرات
ويدهشنى توَدُدَ أهل مصر وطيبهم وخير ندى الصفات
إذا حسنى كواهمُ واستبدَّ وشقَّ عروقهم بقنا البغاة
تكاتم كلهم ألماً وتلفى عيونَهُمُ بحزنٍ باسماتٍ
سئمتَ فقد جعلت صدور مصر سرائرها بحمقك باكيات
فقد صارت مدارسهم سجوناً لأفكار التلامذ قاتلات
فتُبَّاعٌ وحفاظٌ وإلا لأعشاب الصحيفة سائمات
ودس ولاتك السم الغداف فغارت كالسهام الناشبات
فما شخصٌ حيا إلا ويدرى فسادٌ فى الورى والمنشئات
أراك ويستغيث الشعب منك فقد هدَّمت أبنية البناة
أراك وقد سجنت بأرض مصر جنوداً كالطوارق حارقات
جنودٌ كالأسود إذا تَبَدُّوا ترى دُهُمَ البسيطة هائبات
ينادوا إن بدوا الله أكبر تظن علا الأراضِىَ ناطقات
فهم أهل السلام إذا ارتضوه وهم أهل الحروب الحاسمات
تهاوت فى أياديهم بأمس سلاطين الرذيلة خائبات
فقد شهد التتار لظى التردى وراحت للمقابر قاطنات
وهاك الجيش كأسود تبارت تخطُّ السهل وبطون الفلاة
وقائدهم صلاح الدين بادٍ ينادى بالشجاعة والثبات
تقدمت الكتائب بانتظامٍ بهولٍ كالزلازل قادمات
تطايرت الصليبيون صرعى وحارت فى البوادى تائهات
فصف الجيش وانتظم السبيل إلى الأقصى لواحات الصلاة
فلما أن دنا طلبوا السلام خضوعاً بعد صاعقة الشباة
فأكرمهم وعاملهم بلطفٍ تحايَرَ فيه أقلام الرواة
وإسرائيل قد جنَّت جنوناً وحطت بالمطامع راغبات
وقالوا نحن عظماءٌ وصرنا جيوشاً للخلائق قاهرات
تلاعبت الجنود بهم وصاروا حطاماً كالثياب الباليات
فعبدالناصر اختط القتال وأصلاهم على عجل مرارات
ومهد نصرة الحرب الضروس لأنور فانتقى خير الكُفاة
يواريهم ثرى سيناء حتى طوتهم فى حشاها قابرات
وياحسنى أذقتهم المنايا بإحكام انقضاض الطائرات
وقدْتَ الطلعة الضيَّا بفنٍ فشربوا من سقايات الموات
ومهدت السبيل لجند مصر وكنت من العباقرة الثِقاة
ولكن من عجوز قد توكا على وادى البسيطة بالعصاة
نصيحة من يراك وقد خلطت أموراً فى الحقيقة خاطئات
فليس لكل من قاد الجيوش سياسته البلاد الواسعات
وأن الجبن يفتك بالذكاء فيخلفه دروساً غائمات
كما يغزو الصدى عجم الحديد فيخلفه رفاتاً واهنات
ويابشار جاوبنى وقل لى وإلا أُسْقيَّنك داهماتى
أخُصُّ لك الهجاء بقصد نظم أُوَفِّيه الصواعق قاصمات
لم الجولان فى قفص العدو يسافيها الأسافلة المنيَّات
وسُورِيَّا تأنُّ وتستغيث بغاةٌ فى أواصلها عواتى
ودمع دمشق بالوجنات سارى على جولانها وعلى الفوات
فحرمة أرضك الطهرى تُلاكُ بأفواه الأراذلة النـزاة
فدبر خطة بسنا ذكاء ونمقها بأقواس قُسَاة
تُسَفِّى حلم صهيون الدنىء ببرق العزم ورعود الدُّهاة
وجردهم عن الجولان صرعى بجندٍ كالصخور محنكات
فأهل الشام إن حَمِىَ الوطيس تخالَهمُ سلاطين القُضاة
أمور الحرب مرجعها إليهم يقاضوها كما شاءوا تواتى
تَقَصُّوا الأرض قبلَ ونوروها بنور الدين وعلوم الدواة
وقال معاوِىَ بن سفيانَ بن حربٍ إذا حُمَّ الوغى فهمُ وَصاتى
فقادهمُ قتيبةَ فاستقلت تخومَ الهند أضواءُ النجاة
وأندلس تهادوا فى قراها فضاءت كالشموس النيرات
تَبَسَّمُ بالسرور بأن أتاها ضياء الدين وهَّاج السِّناة
فسُلَّ السيف فالدنيا تهون ولا ترضى بأجفانٍ غُفَاة
فإنى فى دِماك أرى ابن حكم وأسياف الكرامة ثائرات
وإلا يابُشَيْرُ سأصطليك بنيران الهجاء المُنْضِجَات
وياقطرِىُّ ياعفنَ الحياة وياقَىْءَ الدنايا السافلات
وما أدرى هجاءً كى أقُلْهُ فقد حادرت قيعان الصفات
فيامن عقله وَسَخٌ وطينٌ وتَكْنِفُهُ الحمير معلمات
إذا قال الحمار له تهجى وكاتب بالمداد من الدواة
لقال له أُرَجِّيك امتطينى فليس العلم من شغلى وطاقاتى
وطال قفاه حين دنا فأمسى تَنَاوَلَهُ الأيادى صافعات
دَوَتْ فرضا تحيتهم فحيَّا وصار قفاه أحذية الغواة
فليس له سوى بدنٌ كثيف فقيد اللب مكثار الهِنات
إذا طَلَّ استجار الناس منه وبادرت الخلائق تافلات
فخنزير الأحاسيس استمالت بمعدنه الرذائل ماثلات
ولولا أن قلمى قد تَشَكَّى وشاكتنى بطارقة العبارات
لوافتك الجيوش من الهجاء وأفنيت اللُّغى فيه وتاءاتى
فيارؤسائنا هيَّا جميعاً تقاضوا الحرب ضارية الشباة
ولا تقروا سوامعنا ومالى فعز المسلمين إلى انفلات
إذا قلنا بهيَّا قلن لا فما سبل التَّهوُّر ناجحات
تحجُّجُ نسوةٍ وقولة نقصةٍ وعلة غرقةٍ فى اللَّاهيات
عدوكمُ بأرضكمُ أسير بأشرٍاك سماكٍ محكمات
وجيش المسلمين على السبيل يناظركم أوامرَ أو إشارات
حجازٌ والخليجُ ويامنيها وسورِيِّا ولبنانُ الحماة
وأردنُ والكويتُ وأرضُ قطر وأقصانا وجندٌ بالأمارات
وإيرانٌ وأفغانٌ وبغداد وتركِيَّا مزاهيرُ الهداة
مراكشُ والجزائرُ ناظرين وتونسُ والطوارقُ من لباة
ومصرٌ بالسوامق قاطنون وسودانُ الفضائل والنُّهاة
جيوشٌ لو رآها الدهر فرَّ على إثر السباع الهاربات
وشمرت الجبال تلوذ هرباً وبادرت النجوم مطالعات
فيحدوهم سنا القرآن حتى يجول بهم بأفلاك العلاة
كأنهمُ ملائكة السماء يحامون الفضيلة من عداة
زعيمهمُ هدى القرآن يعلو بجندهمُ أساطينَ البغاة
فدستورٌ إذا قُرئَ استلقت لهاميمُ الجبابر ساجدات
على ضوء له قامو بأمس قوارير الحضارة زاهرات
وما زالت تزاهى الكون حسناً وتنعم بالفضائل ساخيات
فإن تتحاشدوا للدين تلفوا سماهرة الفضيلة صائبات
فتفكيرٌ وتدبيرٌ وعزم وأسباب المشيئة كافيات
فترموا أنتمُ بالسهم طوعاً وتُزْجِيه المشيئة للبغاة
تصيب ولا تخيب بهم فيمسوا صغائرَ للهوامِ مُمهدات
يقولون السماهر ماهلات وما نار القنابل راحمات
أقول فإن ضارمها قليلٌ وما نار الجحيم بخامدات
إذا قلنا تهاووا بالحروب على أوصال من عادى الهداة
لقال جميعكم ما الحذر جبنٌ وما عين الذئاب بغامضات
لقلت سفهتمُ وكذبتمونا وما عين الشهود بغافيات
إذا جاء العدو يريد أرضاً خرجتم بالوجوه الضاحكات
وأسلمتم رقاب الأهل طوعاً لأغلال الأراذلة النُّزاة
فأقصى المؤمنين طوى الزمان وصابته الحوادث دائرات
فشاب وصار مكتهلاً يعانى مصابات الصروف اللآثمات
وكان إذا تُؤَالمهُ الجروح تولَّته الأيادى آسيات
تطبب جُرْحَهُ وتزيل عنه شكيَّات التوجُّعِ والإناة
وصار اليوم بعد ثوىً طريحاً وما فرش البسيطة ماهدات
وما أكفى اليهودَ رُؤَاهُ مُسْجَى ببردة سقمه مُرخَى اليداة
فمزقت العروق وعاودته تمزق جسمه بردى القناة
وما اعتدنا من الأقصى صياح كتومٌ للجروح الآخذات
إذا جاورته تلفى أنيناً وما طرق الضلوع بكاشفات
ورئتاه التين له براها أساطين الهموم القاتلات
وما ابن يَبِرُّ به فيثنى مخاريق الخنازرة العداة
أراق لكم بفاهكمُ طعاماً على النغمات ورنين الحداة
ونحن على منايانا نُغذَّى على صرخات ونحيب النعاة
وأفغانٌ تناخوا فى قراها يميروها بسيقان السطاة
وأنتم واقفون تَمَلَّقُونَ تميلون الرؤوس الخاويات
فما فيها عقولٌ تستنير وما غير العيون مفتحات
وهذاك العراق ورافِدَيْهَا تعافتها الأيادى سارقات
إذا خايلْتُها ثارت بقلبى يواقيت الحضارة بارقات
بأمسٍ كنْتَ تنظرُ خيرَ رشدٍ وتيجان الرقىِّ مشرفات
وأنجام العلوم بها تزاهى مصابيح السماء البازغات
شدى لنا ببصرتها ابن بحر بآداب روائع نادرات
وهذاك الخليل رمى بفضل فصاغ لنا العلوم مفاخرات
وسيبويه قنَّن واسترقَّ سيول القول بمجارى النحاة
وكوفتها رضت عنا فسالت بفيضٍ من معارف وارفات
تواردها الكسائى والفراء وغيرهمُ كثيرٌ عن حَصاة
ويابغداد حكِّى واستفيضى عن العلماء بحيث وكلمات
ولو أن اليراع قوى وأبدى عزيمته بأحبار الدواة
يُكاتِبُها العلوم وصانعيها لوافته العزائم عاجزات
فصبراً ياعراقُ على الخطوب فما أيدِ الفساد بدائمات
فيارؤسائنا حاجوا بقولٍ ودلُّوا بالبراهين الثُّبات
أأصنامٌ وليناها أموراً فما هى للأمور بنافعات
أأوثانٌ رجوناها لنفعٍ فضلت عن هدانا عاميات
بصقت على وجوهكمُ بدمٍّ به قطرات ابنى حارقاتى
زهيرٌ ياحبيبى صرتُ هَدْراً تعارتْهُ الهموم مفتتات
طوانى الحزن يفتك بى بفاهٍ تقالته الضروس محطماتى
فياليلاً وخى هيَّا تجلَّى وياضوءاً بدا قاضى مماتى
وياأيدى المنايا عاجلينى وبالنَّزعات قاسيةً تـآتى
__________________
دنايا سادة وعراةُ بدنٍ وأشلاءُ القذارة والرُّفات
رؤوسٌ لا ترى فيها وتدرى سوى لهوٌ وأدناس الشُّهاة
فيابن المدعى آل سعود سلمت فهل تريقُكَ طاعناتى
كرامة عُرْبك الريَّا تناديـ ـك انتبه هل قد رضيت عزى مماتى
علا إسلامك السامى ينادى تقلدنى أمام طغى الطغاة
ولكن كيف ينطق أو يجيب أسير الجبن ونهوم الحياة
خلىُّ اللبِّ عىٌّ أن يدير طيور الدُّور أو شاء الرعاة
بليد النفس لا يأبى هواناً ولو ألفى المساوئ عاريات
ولو أنى نظمت الدهر شعراً أهاجيه المعايب قال هات
فهل هذا كفيلٌ أن يدير أموراً أو حروباً حادمات
إذا ألفى الرصاص دوى تخفى وولول كالنساء الصارخات
وأحنى ظهره فتراه جسراً تمر عليه أحذية الغواة
رضيتَ دماء أنسالٍ تسيل من الأقصى تُرى حتى الفرات
وصار الدم طوفاناً يسير يروق لسفكه لبُّ العداة
وصار الدم فى كأسٍ وكأسٍ تَداولَهُ الأيادى فارحات
وأحكى قصتى علَّ المآسى تحرك فيك إحساس الحُماة
قصدت صباح يوم سراب أملى دروب الشغل بعد قضا صلاتى
قصدت الباب نادانى زهير أبى أنسيت تسليمى وقُبْلاتى
وغضَّ بطرفه عنَّى وأضحى كغصنٍ مال ميَّاس النبات
جثوت على رِكابى أرتجيه بأن يعفو وقدمت اعتذاراتى
تبسَّمَ وانثنى يلهو بشيبى وقال أبى سأعفو باشتراطاتى
فقلت له اشترط واحنو علىَّ وعجِّل بالمطالب ياحياتى
فقال أريد ألواناً غِزاراً ولوحاتٍ أنمقها بفرشاتى
أعَبِّرُ فى نواحيها برسمى وأنظم فى طواياها شعاراتى
ضممت بُنىَّ فى صدرى وقلت رضيت وكل ما طالبت آتى
وبعد أن انقضى يومى وعدت وأسياف المحبة هازماتى
حملت معى مطالبه وسرت ونار الشوق أُقْرِيها ثباتى
وصلت الحىَّ نادانى منادٍ زُهَيْرٌ بين أرجاء الموات
رأيت البيت قد أمسى هشيماً وأصوات الأقارب صارخات
ينادونى نعذب أو نقتل ومدُّوا لى أيادٍ صائحات
فطرت لهم أدافع لست أدرى سبيلاً كى أُنَحِّيهمْ غُزاتى
رأيت بُنَىَّ قد أُرْخَتْ يداه فثُبْتُ عليهمُ طلب النجاة
أقيل أذاهمُ وأذُبُّ عنه وأنزع عنه أثواب الممات
حضنت بُنَىَّ فى صدرى وقلت تقوَّى ياذرا قلبى وذاتى
تَبَسَّمَ وانضوى فى طىِّ حضنى وغابت عنه أنفاس الحياة
مسحت على أواصله وقلت أتغدرُ بى بحتم نوى الشتات
تعقُّ أباكَ بعد ثَوَى التَّرَدِّى فتصمتُ عن جوابى وانتصاتى
أتيتُ بما تواعدنا بصبحٍ وجئْتُكَ عاجلاً فهواك عاتى
أجبنى يازهير أصير عبداً على قدميك أمتثل بطاعاتى
طريحاً فى طوى صدرى وأمسى سَكوناً بعد ريَّان النداة
تقطعت العرى وكوى فؤادى لهيب جوى النوى وظما الخفات
ولكن هل يقوم لردِّ شرٍّ بطئٌ من لحومٍ مثقلات
قعيد فراشه إن قام أقعى وقال أخاف من حسدٍ يواتى
نزيل دناءةٍ وحليف نومٍ وعزته قُسَيْمَات الشُّراة
وياحسنى أراقك بعد نصرٍ وبعد سعادة الفتح السُّبات
سألت الجبن عنك فقال إلفى أجرده بضاحية الغداة
وفد فضَّتْ بكارته غزاتى وسل عنى الأساتذ والرواة
إذا قالوا جَبُنْتَ فقال إنى أخاف على مصالحكم رُعاتى
وأين مصالح الشعب المُعَنَّى برُمْقِ العيش أو رَشْفَ السُّقاة
جمعت كلابك الجوعى وصرت تمصُّ قواهمُ حتى الممات
وتنفث فى عروقهمُ سموماً فتصليهم كنارٍ ملهباتٍ
فراحوا فى نواحى مصر كلمى يإنُّون الجروح الغائرات
ويدهشنى توَدُدَ أهل مصر وطيبهم وخير ندى الصفات
إذا حسنى كواهمُ واستبدَّ وشقَّ عروقهم بقنا البغاة
تكاتم كلهم ألماً وتلفى عيونَهُمُ بحزنٍ باسماتٍ
سئمتَ فقد جعلت صدور مصر سرائرها بحمقك باكيات
فقد صارت مدارسهم سجوناً لأفكار التلامذ قاتلات
فتُبَّاعٌ وحفاظٌ وإلا لأعشاب الصحيفة سائمات
ودس ولاتك السم الغداف فغارت كالسهام الناشبات
فما شخصٌ حيا إلا ويدرى فسادٌ فى الورى والمنشئات
أراك ويستغيث الشعب منك فقد هدَّمت أبنية البناة
أراك وقد سجنت بأرض مصر جنوداً كالطوارق حارقات
جنودٌ كالأسود إذا تَبَدُّوا ترى دُهُمَ البسيطة هائبات
ينادوا إن بدوا الله أكبر تظن علا الأراضِىَ ناطقات
فهم أهل السلام إذا ارتضوه وهم أهل الحروب الحاسمات
تهاوت فى أياديهم بأمس سلاطين الرذيلة خائبات
فقد شهد التتار لظى التردى وراحت للمقابر قاطنات
وهاك الجيش كأسود تبارت تخطُّ السهل وبطون الفلاة
وقائدهم صلاح الدين بادٍ ينادى بالشجاعة والثبات
تقدمت الكتائب بانتظامٍ بهولٍ كالزلازل قادمات
تطايرت الصليبيون صرعى وحارت فى البوادى تائهات
فصف الجيش وانتظم السبيل إلى الأقصى لواحات الصلاة
فلما أن دنا طلبوا السلام خضوعاً بعد صاعقة الشباة
فأكرمهم وعاملهم بلطفٍ تحايَرَ فيه أقلام الرواة
وإسرائيل قد جنَّت جنوناً وحطت بالمطامع راغبات
وقالوا نحن عظماءٌ وصرنا جيوشاً للخلائق قاهرات
تلاعبت الجنود بهم وصاروا حطاماً كالثياب الباليات
فعبدالناصر اختط القتال وأصلاهم على عجل مرارات
ومهد نصرة الحرب الضروس لأنور فانتقى خير الكُفاة
يواريهم ثرى سيناء حتى طوتهم فى حشاها قابرات
وياحسنى أذقتهم المنايا بإحكام انقضاض الطائرات
وقدْتَ الطلعة الضيَّا بفنٍ فشربوا من سقايات الموات
ومهدت السبيل لجند مصر وكنت من العباقرة الثِقاة
ولكن من عجوز قد توكا على وادى البسيطة بالعصاة
نصيحة من يراك وقد خلطت أموراً فى الحقيقة خاطئات
فليس لكل من قاد الجيوش سياسته البلاد الواسعات
وأن الجبن يفتك بالذكاء فيخلفه دروساً غائمات
كما يغزو الصدى عجم الحديد فيخلفه رفاتاً واهنات
ويابشار جاوبنى وقل لى وإلا أُسْقيَّنك داهماتى
أخُصُّ لك الهجاء بقصد نظم أُوَفِّيه الصواعق قاصمات
لم الجولان فى قفص العدو يسافيها الأسافلة المنيَّات
وسُورِيَّا تأنُّ وتستغيث بغاةٌ فى أواصلها عواتى
ودمع دمشق بالوجنات سارى على جولانها وعلى الفوات
فحرمة أرضك الطهرى تُلاكُ بأفواه الأراذلة النـزاة
فدبر خطة بسنا ذكاء ونمقها بأقواس قُسَاة
تُسَفِّى حلم صهيون الدنىء ببرق العزم ورعود الدُّهاة
وجردهم عن الجولان صرعى بجندٍ كالصخور محنكات
فأهل الشام إن حَمِىَ الوطيس تخالَهمُ سلاطين القُضاة
أمور الحرب مرجعها إليهم يقاضوها كما شاءوا تواتى
تَقَصُّوا الأرض قبلَ ونوروها بنور الدين وعلوم الدواة
وقال معاوِىَ بن سفيانَ بن حربٍ إذا حُمَّ الوغى فهمُ وَصاتى
فقادهمُ قتيبةَ فاستقلت تخومَ الهند أضواءُ النجاة
وأندلس تهادوا فى قراها فضاءت كالشموس النيرات
تَبَسَّمُ بالسرور بأن أتاها ضياء الدين وهَّاج السِّناة
فسُلَّ السيف فالدنيا تهون ولا ترضى بأجفانٍ غُفَاة
فإنى فى دِماك أرى ابن حكم وأسياف الكرامة ثائرات
وإلا يابُشَيْرُ سأصطليك بنيران الهجاء المُنْضِجَات
وياقطرِىُّ ياعفنَ الحياة وياقَىْءَ الدنايا السافلات
وما أدرى هجاءً كى أقُلْهُ فقد حادرت قيعان الصفات
فيامن عقله وَسَخٌ وطينٌ وتَكْنِفُهُ الحمير معلمات
إذا قال الحمار له تهجى وكاتب بالمداد من الدواة
لقال له أُرَجِّيك امتطينى فليس العلم من شغلى وطاقاتى
وطال قفاه حين دنا فأمسى تَنَاوَلَهُ الأيادى صافعات
دَوَتْ فرضا تحيتهم فحيَّا وصار قفاه أحذية الغواة
فليس له سوى بدنٌ كثيف فقيد اللب مكثار الهِنات
إذا طَلَّ استجار الناس منه وبادرت الخلائق تافلات
فخنزير الأحاسيس استمالت بمعدنه الرذائل ماثلات
ولولا أن قلمى قد تَشَكَّى وشاكتنى بطارقة العبارات
لوافتك الجيوش من الهجاء وأفنيت اللُّغى فيه وتاءاتى
فيارؤسائنا هيَّا جميعاً تقاضوا الحرب ضارية الشباة
ولا تقروا سوامعنا ومالى فعز المسلمين إلى انفلات
إذا قلنا بهيَّا قلن لا فما سبل التَّهوُّر ناجحات
تحجُّجُ نسوةٍ وقولة نقصةٍ وعلة غرقةٍ فى اللَّاهيات
عدوكمُ بأرضكمُ أسير بأشرٍاك سماكٍ محكمات
وجيش المسلمين على السبيل يناظركم أوامرَ أو إشارات
حجازٌ والخليجُ ويامنيها وسورِيِّا ولبنانُ الحماة
وأردنُ والكويتُ وأرضُ قطر وأقصانا وجندٌ بالأمارات
وإيرانٌ وأفغانٌ وبغداد وتركِيَّا مزاهيرُ الهداة
مراكشُ والجزائرُ ناظرين وتونسُ والطوارقُ من لباة
ومصرٌ بالسوامق قاطنون وسودانُ الفضائل والنُّهاة
جيوشٌ لو رآها الدهر فرَّ على إثر السباع الهاربات
وشمرت الجبال تلوذ هرباً وبادرت النجوم مطالعات
فيحدوهم سنا القرآن حتى يجول بهم بأفلاك العلاة
كأنهمُ ملائكة السماء يحامون الفضيلة من عداة
زعيمهمُ هدى القرآن يعلو بجندهمُ أساطينَ البغاة
فدستورٌ إذا قُرئَ استلقت لهاميمُ الجبابر ساجدات
على ضوء له قامو بأمس قوارير الحضارة زاهرات
وما زالت تزاهى الكون حسناً وتنعم بالفضائل ساخيات
فإن تتحاشدوا للدين تلفوا سماهرة الفضيلة صائبات
فتفكيرٌ وتدبيرٌ وعزم وأسباب المشيئة كافيات
فترموا أنتمُ بالسهم طوعاً وتُزْجِيه المشيئة للبغاة
تصيب ولا تخيب بهم فيمسوا صغائرَ للهوامِ مُمهدات
يقولون السماهر ماهلات وما نار القنابل راحمات
أقول فإن ضارمها قليلٌ وما نار الجحيم بخامدات
إذا قلنا تهاووا بالحروب على أوصال من عادى الهداة
لقال جميعكم ما الحذر جبنٌ وما عين الذئاب بغامضات
لقلت سفهتمُ وكذبتمونا وما عين الشهود بغافيات
إذا جاء العدو يريد أرضاً خرجتم بالوجوه الضاحكات
وأسلمتم رقاب الأهل طوعاً لأغلال الأراذلة النُّزاة
فأقصى المؤمنين طوى الزمان وصابته الحوادث دائرات
فشاب وصار مكتهلاً يعانى مصابات الصروف اللآثمات
وكان إذا تُؤَالمهُ الجروح تولَّته الأيادى آسيات
تطبب جُرْحَهُ وتزيل عنه شكيَّات التوجُّعِ والإناة
وصار اليوم بعد ثوىً طريحاً وما فرش البسيطة ماهدات
وما أكفى اليهودَ رُؤَاهُ مُسْجَى ببردة سقمه مُرخَى اليداة
فمزقت العروق وعاودته تمزق جسمه بردى القناة
وما اعتدنا من الأقصى صياح كتومٌ للجروح الآخذات
إذا جاورته تلفى أنيناً وما طرق الضلوع بكاشفات
ورئتاه التين له براها أساطين الهموم القاتلات
وما ابن يَبِرُّ به فيثنى مخاريق الخنازرة العداة
أراق لكم بفاهكمُ طعاماً على النغمات ورنين الحداة
ونحن على منايانا نُغذَّى على صرخات ونحيب النعاة
وأفغانٌ تناخوا فى قراها يميروها بسيقان السطاة
وأنتم واقفون تَمَلَّقُونَ تميلون الرؤوس الخاويات
فما فيها عقولٌ تستنير وما غير العيون مفتحات
وهذاك العراق ورافِدَيْهَا تعافتها الأيادى سارقات
إذا خايلْتُها ثارت بقلبى يواقيت الحضارة بارقات
بأمسٍ كنْتَ تنظرُ خيرَ رشدٍ وتيجان الرقىِّ مشرفات
وأنجام العلوم بها تزاهى مصابيح السماء البازغات
شدى لنا ببصرتها ابن بحر بآداب روائع نادرات
وهذاك الخليل رمى بفضل فصاغ لنا العلوم مفاخرات
وسيبويه قنَّن واسترقَّ سيول القول بمجارى النحاة
وكوفتها رضت عنا فسالت بفيضٍ من معارف وارفات
تواردها الكسائى والفراء وغيرهمُ كثيرٌ عن حَصاة
ويابغداد حكِّى واستفيضى عن العلماء بحيث وكلمات
ولو أن اليراع قوى وأبدى عزيمته بأحبار الدواة
يُكاتِبُها العلوم وصانعيها لوافته العزائم عاجزات
فصبراً ياعراقُ على الخطوب فما أيدِ الفساد بدائمات
فيارؤسائنا حاجوا بقولٍ ودلُّوا بالبراهين الثُّبات
أأصنامٌ وليناها أموراً فما هى للأمور بنافعات
أأوثانٌ رجوناها لنفعٍ فضلت عن هدانا عاميات
بصقت على وجوهكمُ بدمٍّ به قطرات ابنى حارقاتى
زهيرٌ ياحبيبى صرتُ هَدْراً تعارتْهُ الهموم مفتتات
طوانى الحزن يفتك بى بفاهٍ تقالته الضروس محطماتى
فياليلاً وخى هيَّا تجلَّى وياضوءاً بدا قاضى مماتى
وياأيدى المنايا عاجلينى وبالنَّزعات قاسيةً تـآتى
__________________